منافع الإنتاج بالتوقيت المنضبطBenefit of JIT Production System
واضح من المناقشة السابقة أن متطلبات تطبيق نظام الإنتاج بالتوقيت المنضبط تبدوا في غاية الصرامة والتشدد. ومع ذلك فقد لاقت هذه النظم نجاحاً عظيماً في الحياة العملية نتيجة للمنافع الهائلة التي أمكن الحصول عليها من تطبيق التوقيت المنضبط. فقد وصل الإنبهار بالزيادة في الإنتاجية والتحسن في الجودة والتخفيض في التكاليف نتيجة لتطبيق نظم الإنتاج بالتوقيت المنضبط إلى الحد الذي جعل أحد المديرين في إحدى شركات الإلكترونيات أن يقول: (أتوقع أن أرى خلال التسعينات نوعين من المصانع: مصانع تطبق التوقيت المنضبط ومصانع مغلقة). ولم تأتي هذه المبالغة من فراغ ولكنها تعبر عن المزايا العظيمة التي يحققها تطبيق نظام الإنتاج بالتوقيت المنضبط.
وبذلك يمكن نستطيع القول أن أول ميزة أو منفعة أمكن الحصول عليها من تطبيق نظام الإنتاج بالتوقيت المنضبط هي تخفيض المخزون بجميع أنواعه, أن لم يكن التخلص منه كلياً, إلى حد لا يذكر بالمقارنة مع كميات المخزون في النظم التقليدية. ولا شك أن تخفيض المخزون أو التخلص منه كلياً سيحقق وفر كبير في تكاليف : الحصول عليه و تخزينه ومناولته, ومخاطره والتأمين عليه ورأس المال المجمد فيه. ولا تقتصر مزايا تخفيض المخزون أو التخلص منه على هذه الوفورات المالية فقط, فهناك وفورات عينية لا تقل أهمية متمثلة في وفورات الحيز أو المكان المخصص للتخزين. فقد اكتشفت بعض الشركات الصناعية التي طبقت نظام الإنتاج بالتوقيت المنضبط أن حوالي 50% من مساحة المصنع كانت مخصصة لتخزين الإنتاج تحت التشغيل. ويتوافر هذه المساحة بعد تطبيق التوقيت المنضبط أمكن استخدامها في التوسعات في خطوط الإنتاج, والأهم من ذلك أمكن تقريب المسافات بين عمليات الإنتاج التي كانت مشتته في أماكن متفرقة بحيث يتم الآن أداء العمليات في مكان واحد.
وعلى الرغم من المنافع الهائلة المترتبة على الوفورات في تكاليف الاحتفاظ بالمخزون وتوفير حيز المكان المخصص للتخزين, إلا أن هذه المنافع تبدو متواضعة بالمقارنة مع الوفورات المتحققة من التحسن في عمليات التصنيع في بيئة التوقيت المنضبط. فأثناء محاولة التخلص من العوامل الأربعة التي تتسبب في وجود المخزون في النظم التقليدية (الجودة, وقت إعداد الآلات, وعدم التأكد من الموردين, وترتيب المصنع) اكتشفت الشركات مشاكل خطيرة كانت محجوبة بسبب وجود احتياطيات من المخزون مثل: مشاكل الجودة, الاختناقات في الإنتاج, مشاكل التنسيق, وموردين لا يعتمد عليهم. ولولا الجهود التي بذلت لتطبيق التوقيت المنضبط لبقيت هذه المشاكل إلى الآن بدون حل. فقد أمكن التغلب على مشاكل جودة المواد والأجزاء نصف مصنعة و الإنتاج التام بتطبيق برنامج الجودة الشاملة الذي يحقق جودة بمستوى (صفر عيوب). كما أدى التحول إلى نظم الإنتاج المرنة إلى تخفيض, أو التخلص من وقت إعداد الآلات و إعادة ترتيب المصنع في شكل مجموعات إنتاج متكاملة بدلاً من الترتيب التقليدي على أساس وظيفي. وقد أدت هذه التغيرات إلى تخفيض كبير في وقت التصنيع بالإضافة إلى زيادة كبيرة في سرعة الاستجابة إلى طلبات العملاء.
فقد استطاعت إحدى الشركات الصناعية الصغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية بتطبيق نظام إنتاج مرن في بيئة التوقيت المنضبط أن تخفض وقت التصنيع من 30 يوماً إلى دقائق معدودة, وتخفيض مخزون الإنتاج تحت التشغيل من 40 قطعة إلى قطعة واحدة, واختصار المسافات التي كانت تقطعها المواد والأجزاء في التنقل بين مراحل الإنتاج من 2000 قدم إلى 18 بوصة. أما المشاكل المتعلقة بالمعاملات مع الموردين فقد أمكن التغلب عليها من خلال نظام الشراء بالتوقيت المنضبط الذي سنوضحه أدناه.
فكرة تستحق الإشارة إليها وهي أنه يمكن الحصول على المزايا و الوفورات الكبيرة من تطبيق نظام الإنتاج بالتوقيت المنضبط حتى ولو لم يلتزم الموردون بمواعيد الإستلام التي يتطلبها التوقيت المنضبط. فقد استطاع الكثير من الشركات في بداية تطبيق نظام التوقيت المنضبط تنفيذ هذا النظام داخل المصانع على الرغم من عدم التزام الموردين. وقد أمكن تحقيق ذلك بالتغلب على مشكلة تأخير الموردين عن مواعيد الاستلام من خلال الاحتفاظ بكميات احتياطي من المواد الخام في مخزون تابع للشركة في مكان منفصل ومستقل تماماً عن المصنع. ولا يتم صرف هذه المواد من المخازن إلى المصانع إلا حسب الطلب في مواعيد محددة وبالكميات التي تتطلبها عملية التصنيع فقط.
نظام الشراء بالتوقيت المنضبط Just-In-Time Purchasing:
يجب التمييز بين التوقيت المنضبط للإنتاج وبين التوقيت المنضبط للشراء. فكما هو واضح أن التوقيت المنضبط للإنتاج لا يستخدم إلا في الشركات الصناعية فقط حيث يركز على تصنيع المنتجات. و أن هذا النظام يقوم على فكرة الطلب بالجلب demand-pull حيث يتم التخلص من معظم إن لم يكن كل المخزون من خلال استجابة كل أنشطة الإنتاج لإشارة (الجذب) التي تأتي من المرحلة النهائية بالتمام لا أكثر ولا أقل. ومن ناحية أخرى, يمكن تطبيق نظام التوقيت المنضبط للشراء في أي شركة سواء كانت صناعية أو تجارية (تجزئة أو جملة أو توزيع). فهو يركز على كيفية الحصول على السلع سواء كانت هذه السلع بضاعة تامة يعاد بيعها إلى العملاء, أو كانت مادة خام تستخدم في عمليات الإنتاج.
وقد سبق الإشارة إلى أن الميزة الأساسية لفلسفة التوقيت المنضبط هي التبسيط Simplification والتخلص من أي أنشطة غير ضرورية لا تضيف إلى قيمة المنتج أو الخدمة. وتنطبق هذه الفلسفة على الإنتاج وعلى الشراء. وفيما يلي الملامح الرئيسية لنظام التوقيت المنضبط للشراء :
1- يتم استلام السلع في نفس وقت طلبها أو استخدامها: فيتطلب تطبيق التوقيت المنضبط للشراء ضرورة زيادة عدد مرات الاستلام مع تخفيض عدد العناصر التي يتم استلامها في كل مرة. بل قد يستلزم الأمر تكرار عملية الاستلام أكثر من مرة على مدار اليوم. وحتى إذا تطلب الأمر ضرورة الاحتفاظ بمخزون من عناصر معينة فسيكون مستوى هذا المخزون عند أدنى حد ممكن.
2- تخفيض عدد الموردين: يتم تركيز المشتريات من عدد محدود يعتمد عليه الموردين القادرين على الالتزام حرفياً بمواعيد الاستلام. فعلى سبيل المثال, استطاعت شركة IBM للحسابات الإليكترونية تخفيض عدد الموردين بنسبة 95% من 640 مورد إلى 32 مورد فقط. ولا شك أن تخفيض عدد الموردين سيوفر الكثير من الوقت والمجهود المبذول في عمليات التفاوض والإنفاق مع الموردين كما سيقلل من تكلفة تشغيل بيانات المشتريات.
3- عقد اتفاقيات طويلة الأجل مع الموردين تلزمهم بمواعيد الاستلام, وجودة السلع أو المواد المشتراه, وسعر الشراء. وبالتالي لن توجد الحاجة إلى مساومات جديدة عند كل عملية شراء. كما سيتم توفير الكثير من الأعمال الكتابية المصاحبة لكل عملية شراء. كما أن ضمان جودة المشتريات يساعد كثيراً على نجاح تطبيق نظام التوقيت المنضبط.
4- تقليل إجراءات استلام وفحص المشتريات. فيحرص الموردون في ظل التعاقد طويل الأجل على الالتزام الكامل بكميات وجودة المشتريات. وبالتالي لن توجد الحاجة إلى إجراءات لاستلام الكمية ولفحص الجودة وهي من الإجراءات التي لا تضيف إلى القيمة في ظل نظام التوقيت المنضبط.
5- تجميع المدفوعات في أوقات محددة. فلا توجد إجراءات للدفع بعد استلام كل شحنه, بل يتم تجميع القيمة المستحقة ودفعها, مثلاً، كل أسبوع أو كل شهر مرة واحدة.
والخلاصة : أن تطبيق نظام التوقيت المنضبط للشراء يحقق وفورات كبيرة في تكلفة إصدار أوامر الشراء وفي تكلفة إدارة وظيفة الشراء. لاحظ أن تطبيق إجراءات الشراء المشار لا تستلزم بالضرورة التخلص من كل المخزون. فيمكن في ظل هذه الإجراءات الاحتفاظ بحد أدنى من المخزون يعتبر ضرورياً لسير العمليات. وسيؤدي تطبيق التوقيت المنضبط للشراء إلى تخفيض هذا الحد تخفيضاً كبيراً مقارنةً بما سيكون عليه في حالة الشراء التقليدي.